ماسي الغربة

كلما قلَّ دخل المرء قلت قدرته علی توفير الكفاية لأهله من المأكل والملبس والمسكن والتعليم والعناية الصحية.
واذا كانت قلة دخل العامل تعجزه عن توفير الضروريات لأسرته٬ فان البطالة تضاعف ذلك العجز اضعاف الاضعاف.
ولا جدال بان مواطني جميع الاقطار العربية والاسلامية٬ يعانون اما من الحرمان من الدخل بسبب البطالة واما من قلة الدخل وعدم الكفاية. والمسؤولية مشتركة بين الفرد وبين المجتمع فعلی المرء ان يشد حيله وعلی المجتمع ان يعيده للوقوف علی قدميه اذا وقع.
عبارة "المجتمع" تعني المؤسسات والجمعيات الاهلية من جهة والمؤسسات الحكومية "الوزارات والبلديات والقوات المسلحة الخ" من الجهة الاخری٬ فعلی الجانبين ان يتقاسما المسؤوليات وإلا يتهرب احد من اداء ما يترتب عليه من الواجبات. ويجب ان يحاسب ويُعاقب كل من يحاول الزوغان.
نتيجة لتكاثر السكان من انعدام اجراءات تحديد النسل٬ يمل كثير من الشباب من الحياة بين اهاليهم في مناشئهم فيهاجرون. وهذه مأساة كبری لان عماد البلاد في الحاضر والمستقبل هم الشباب فاذا رحلوا لا يبقی إلا الذين اكل الدهر عليهم وشرب ولم يبق لديهما يمكن ان يستمروا في تقديمه للوطن والمجتمع.
هؤلاء الشباب يعانون من فور هجرتهم مجموعة من العقبات فسلطات وسكان البلدان التي يهاجرون اليها تجادلهم في شرعية هجرتهم اليها٬ ويسألونهم ما هي العلاقة بينكم وبيننا. نحن بيض او حمر وانت اسود او اسمر. وهذا يؤكد اختلاف العنصر٬ ثم هناك صدام الحضارات٬ هل تعرف لغتنا؟ هل تجيدها؟ ما هي الخدمة التي ستؤديها لنا؟ هل لديك كفاءة مهنية جيدة او عالية؟ هل تتزوج احدی بناتنا لمجرد الحصول علی الاقامة وتغيير الجنسية؟ ام هل انت متزوج وتركت زوجتك في بلادك وستجلبها مع البنين فيزداد الضغط علينا بمزاحمتكم لنا في العمل والاسكان والخدمات التعليمية والطبية الخ.. هل ستدخل انت واولادك خدمتنا العسكرية وتحارب معنا ضد بلدان اسلامية نكرهها وتكرهنا؟ ام هل ستخوننا وتتجسس لاعدائنا علينا او تطعننا في ظهرونا ؟
الوطنيون "أي سكان البلدان التي يذهب اليها المهاجر" قد يوجهون هذه الاسئلة الی المهاجر. واذا استحوا ولم ينطقوا بها تأدبا او لوجود قوانين ضد التمييز العنصري فانها حتما تخطر في بالهم".
واذا افترضنا ان المهاجر تغلب بحسن ادبه وسماحة اخلاقه علی نفور المجتمع من المهاجرين٬ فانه سيواجه عندئذ العقبة الكبری وهي الحصول علی عمل يكسب منه رزقه.
من المهاجرين من هم موهوبون بالقدرة علی تحويل كل ما يمسونه الی ذهب ولكن معظم المهاجرين يحتاجون لاعمال بسيطة لا تتطلب خبرة او كفاءة عالية. وهذا النوع يكون عادة من الاعمال الشاقة او المقرفة التي يتفادی اداءها اهالي البلد الاصليون ولكن ليس للمحتاج خيار في الامر. فاما ان يجوع وينام في البرد القارس علی ارصفة الشوارع واما ان يؤدي تلك الاعمال الشاقة والمؤذية صحيا ونفسيا.
ولكن ليس سهلا حتی الحصول علی تلك الاعمال. فالمستخدمون "بكسر الدال" يضعون حواجز مرتفعة بين الوظائف وبين طلابها من المهاجرين بشكل عام والمسلمين بشكل خاص.
فالمجتمعات الغربية لا تعجبها ازياء الألبسة التي يرتدونها ولا العمائم واطلاق اللحي ولا التوقف عن اداء الاعمال لاداء الصلوات خاصة اذا كانوا يعملون علی نشاطات انتاج متسلسل فيعوق اهمال أي مرحلة من المراحل التالية او بسبب تذمر الركاب اذا لم يتحرك القطار او الحافلة في الموعد المحدد لان السائق يؤدي فروضه وعلاوة علی ذلك تدفع العداوة الصليبية المتوارثة عن الاجداد وتحريضات البطاركة والكرادلة ضد أي دين غير دينهم٬ الی التمنع عن اعطاء اعمال للمهاجرين الا اذا اغرهم علی ذلك فرص سانحة كل حقوق اولئك المهاجرين أجوراً لا تسمن ولا تغني من جوع ولا توفر فائضا يمكن ارساله الی الأهل الذين هجروهم.
كان الحكماء قديما يحثون الرجال علی السفر بقولهم: سافروا ففي الاسفار سبع فوائد: تفريج هم وإكتساب معيشة إلخ...
فما كان يجدي هذا نفعا


اخر الكلام
اللهم رد غربتنا سالمين غانمين