منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديره ودالجمل والكفتة والعمارة وكريمت المغاربة
مرحباً بك عضواً فاعلاً وفكراً نيراً وقلماً وثاباً في منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديرة والكفته والعمارة وكريمت المغاربة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديره ودالجمل والكفتة والعمارة وكريمت المغاربة
مرحباً بك عضواً فاعلاً وفكراً نيراً وقلماً وثاباً في منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديرة والكفته والعمارة وكريمت المغاربة
منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديره ودالجمل والكفتة والعمارة وكريمت المغاربة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إذا هاجرت العقول، هاجرت البقول!!!

اذهب الى الأسفل

إذا هاجرت العقول، هاجرت البقول!!! Empty إذا هاجرت العقول، هاجرت البقول!!!

مُساهمة  جمال خالد يوسف السبت نوفمبر 03, 2012 4:34 pm

اهتمت دوائر التخطيط الاستراتيجي[1] في عالمنا الخامس - أخيراً - بهجرة العقول، فأُعِدَّت الدراسات والأبحاث المتعددة للحد من هذه الهجرة، من أجل العمل على خفض أسبابها للحد الأدنى، والسعي إلى استقطاب العقول المهاجرة، ولعل الناظر في أسباب هذه الهجرة يجد أن كثيرا منها لم يكن طلباً للرفاهية والعيش الرغيد، إذ أن كثيراً من أصحاب هذه العقول لا يهتم بذلك بقدر ما يهتم بزيادة المعرفة، ومواكبة التطور العلمي، خاصة في مجال العلوم التطبيقية، التي هاجرت هي الأخرى قبل قرون كثيرة من هجرة العلماء، لكأنها أحست بالظلام قد أطبق، وأدركت أن العقول لا تهضمها، فهاجرت إلى حيث تُفهم ويُعتنى بها، فازدهرت بعد هجرتها، ووجدت الرعاية في بلاد غير بلادها، فأصبح قومي عليها يأسفون، وباتوا كلما مسهم طائف من ذكراها يرددون:
وذكَّرْتَني العهدَ القديمَ على الحِمى رعى اللهُ أيامَ الحِمى ورعاكا
فديتُك طيفاً لا يُذكِّر ناسياً ولكنْ يزيد المستهام هلاكا
ثم حدثت بعد هجرة العلوم هجرة العقول المتقدة الذكية، أذكر أن البروفسير محجوب عبيد طه[2] - أستاذ الفيزياء في جامعة الملك سعود - رحمه الله - وأحد العلماء الكبار في علم الفيزياء في السودان، والعالم - كان قد عُيِّن عميداً لكلية العلوم في جامعة الخرطوم، في عهد الرئيس السابق - جعفر نميري -رحمه الله - ولكنه لما أحس بقصر نظر القائمين على رعاية العلم، إضافة إلى هيمنة الشيوعيين الخفية والتي تغلغلت في دواوين الخدمة المدنية، مشكِّلة في الخفاء مراكز للقوى التقدمية - فيما يظنون - فطرَدَت من طردت، وشَرَّدتْ من شَرَّدتْ من أصحاب الفطنة والذكاء، = لما أحس بذلك هاجر البروفسير محجوب، وترك لهم السودان، لا لكسب العيش، ولكن لإحباط أصابه عندما حاول الصعود بهذا العلم النافع إلى أقصى الدرجات، ويجدر بالذكر أن فلول الشيوعيين - حينما انقلبوا على النميري في التاسع عشر من يوليو في آخر العقد السابع من القرن الميلادي الماضي - كانوا قد اعتَقَلوا العشرات من كبار ضباط القوات المسلحة، من حملة المؤهلات العليا، والخبرات العسكرية الثرة - وجمعوهم في بيت الضيافة - وقتلوهم عن آخرهم في مجزرة بشعة لن ينساها لهم أهل السودان، مهما تنصلوا منها.

وأراد الله - سبحانه - أن يعود النميري للحكم مرة أخرى، ليقطع الله به دابرهم، ثم إنهم اليوم قد بدؤوا يتنكرون لماضيهم الدموي، ويعلنون براءتهم من انقلاب التاسع عشر من يوليو، الذي لم يوافق عليه الأمين العام للحزب الشيوعي - آنذاك - حسب زعم كبيرتهم، التي ولوها أمرهم، ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة!!! ينكرون ذلك وكأن الناس قد جهلوا أنهم شاركوا في انقلاب النميري قبل أن يتآمروا عليه، ويقلبوا له ظهر المِجَنّ، ولن تنطلي هذه الخدع، وهذا التنكر على من تابع الأحداث إلا أن يهاجر عقله إلى جزر الواق واق، ويبقى جسده كسائمة الأنعام. إن دموية النظام الشيوعي لا يعرفها سكان السودان وحدهم، بل يعرفها سكان كل البلاد التي تمكنوا فيها، والعجيب أنهم يرمون غيرهم بالدموية، والاستبداد!!!

وكثيرون من سكان العالم الخامس - مثل البروفسير محجوب عبيد - كانت في صدورهم تتبدى الآهات والحسرات على ما يشاهدون من ضعف علمي يمكن تقويته بقليل من الاهتمام، فلا يجدون غير: هيهات، هيهات!!!

هذا جانب قد أُعْطِيَ اهتماماً مقدراً نأمل أن يؤتي أُكُله بعد حين - بإذن الله - ولكن هناك أيضاً عجائب يقف عندها المتأمل فلا يجد من أسباب دفعها إلا بذل الجهد في توعية الناس، وتنمية أسباب القوة والعزة في نفوسهم، والاجتهاد في إزالة الهزيمة النفسية التي يعيشونها. فالتقنية حلال لجنس خاص، حرام على سائر الأجناس، كما يفهم من جهود محمد البرادعي!

ولئن أخذك هذا الاستطراد المحزن عن عجائب الهجرة قليلاً، فعد لتسمع نصحي بألا تحزن إذا ما قيل: هذه سيارة يابانية لا تضارع، وتلك أمريكية لا تبارى، وأخرى ألمانية، أو إنجليزية، أو كورية، أو صينية، لا.....، ولا.....، فهي منتجات تأكدت قوتها ومنافستها بالتجربة، والبرهان.

لقد بلغ بنا الضعف مبلغاً، فلم نعد نقتنع حتى بمنتجاتنا الزراعية التي أثبتت التجربة جودتها، ولم نعد نقنع بجودة القطن السوداني، أو النيجيري، أو المصري، أو اليماني - مهما طالت فتيلته - حتى إذا رأينا في مظاهر الدعاية، ما يرفع من قدر المنسوجات الإنجليزية، أو السويسرية، أو اليابانية لأعلى قيمة بيعية في سوقنا المستهلكة أبداً، دهشنا لذلك، برغم أن لجودة التقنية لديهم ما يسوغ تقدم صناعة النسيج عندهم، وهو الذي هيأ لهم أن يستأثروا بحظ الأسد في السوق، فنحن نصدر المواد الخام، ونستورد ناتج الصناعة.

ولو ظللنا على هذا لكان التخلف محتملاً، ولكن العجب العجاب إذا تأكدت لدينا هجرة الحبوب والبقول، ففي مدينة جبل الأولياء الواقعة في وادي النيل بالقرب من مدينة الخرطوم، مررت على بائع لأشترى مكيالاً من الفول، فوجدته يغريني بأنه فول إنجليزي، ويؤكد لي أنه ما يكاد يستقر في القِدْر على النار برهة حتى تتفتح قشرته عن لب كالزبد، يقول البائع ذلك عن ثقة، ويؤكد مرة أخرى أنني حتماً سأعود للشراء من عنده مرة أخرى بعد التجربة الأولى. ولم ينقضي عجبي حتى وجدت نفسي مضطراً إلى العودة إليه لصدق دعايته، لأشتري فول النيل المهاجر من واديه إلى وادي نهر التايمز[3] ، فحصل على الجنسية البريطانية بعد هجرته مباشرة، وحصل على رمز الجودة البريطانية العالية، ثم هاجر من هناك إلى[4] وادي نهر المسيسبي فحصل على بطاقة الإقامة الدائمة (The American Green Card)، وعاد إلى أسواقنا ليتصدرها، لأنه أصبح من الخواجات، إذ ما يكاد المشتري يرى علبة الفول من حدائق كاليفورنيا حتى يتلمظ الطعم. ومع هذه الجودة المصنوعة ينسى المستهلك سخاء النيل، وفيضه في غناء النبات الذي لا يحتاج في واديه إلى سماد اليوريا، ولا إلى الهرمون النافخ! ولم يعد لدينا من سلوى إلا أن نردد كلمات الشاعر السوداني إدريس محمد جمَّاع - رحمه الله - الذي قال في النيل:
النيلُ من نَشْوةِ الصَّهْباء سَلْسَلهُ وساكنو النيلِ سُمَّارٌ ونُدْمانُ
ينسابُ من رَبْوةٍ عذراءَ ضاحكةٍ في كل مَغْنىً بها للسحرِ إيوانُ
حيثُ الطبيعةُ في شرْخِ الصِّبا، ولها من المفاتنِ أترابٌ وأقرانُ
وِشاحُها الشَّفَقُ الزاهي، وملعبُها سهْلٌ نَضِيرٌ وآكامٌ وقِيعانُ
وخَفْقَةُ الموجِ أَشْجانٌ تُجاوبُها من القلوبِ الْتِفَاتاتٌ وأَشْجانُ
كلُّ الحياةِ ربيعٌ مُشرِقٌ نَضِرٌ في جانبيهِ، وكُلُّ العمرِ ريعانُ
تمشي الأَصائِلُ في واديهِ حالِمَةً يَحُفُّهَا مَوكِبٌ بالعِطْرِ رَيَّانُ
وللخَمائِلِ شَدْوٌ في جوانِبِهِ، لهُ صَدىً في رحابِ النفسِ رَنَّانُ
إذا العَنَادِلُ حَيَّا النِّيلَ صَادِحُها والليلُ سَاجٍ؛ فَصَمتُ الليلِ آذانُ

فهل يصيبك الذهول يا صاح من هجرة العقول، أم من هجرة البقول؟ أم من حسن ديباجة الشعر عند الزَّوْل[5] ؟ الزول الذي من فرط رهافة حسه عاش مغترباً في بلاده حتى أصابه الذهول، ولم يهاجر منها - إلى أن مات رحمه الله .
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] الاستراتيجية: كلمة معربة، ومعناها بعد النظر في التخطيط، أو التخطيط طويل المدى، والذي لم نحتفل به كثيرا، نجن في العالم الخامس!!!
[2] عالم فذ، ولد في مدينة الدويم بالنيل الأبيض في السودان، في سنة سبع وثلاثين وتسع مئة وألف من الميلاد تقريبا، وتلقى تعليمه العام في السودان، والجامعي والعالي في إنجلترا، ودرس هناك الرياضيات بما فيها علم الجبر الذي هاجر قبله إلى هناك، ثم عاد مدرساً للفيزياء، ومعلماً للأخلاق ومكارمها في سيرته العطرة، في جامعة الخرطوم، ثم اختار بعد السودان أن يعيش في السعودية فوجد فيها الترحاب، فالتحق بجامعة الملك سعود إلى أن توفي في الرياض بالمملكة العربية السعودية، بعد ست وعشرين ليلة خلت من شهر جمادى الأولى من عام واحد وعشرين وأربع مئة وألف من الهجرة.


جمال خالد يوسف
جمال خالد يوسف
عضو ذهبي

عدد المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 17/06/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى