سلامٌ على الفاروق
منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديره ودالجمل والكفتة والعمارة وكريمت المغاربة :: المنتدي الثقافي والادبي
صفحة 1 من اصل 1
سلامٌ على الفاروق
الناسُ في مراتع الظُّلم تسير، كَثُرَتْ مظالِمُهم، وزاد تَظالُمُهم، لا يكاد يَمُرُّ من عمر الزمن لحظاتٌ، إلاَّ وتأتيكَ منَ الدَّهشة والنكير ما يُغْرِقُ العاقل في التفكير، والتأمُّل، والتَّعَجُّب، من جَوْدَة سبك الاتِّهام، ومِن حُسن تَدْوِير الكلام، وإشاعة الفِتَن والباطل الصُّراح، حِيَل، ومَكْر، وتخطيط، كَسِحر الحُواة، تعجز عُتاة الشَّياطين أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيرًا.
الجاني يَرْفُل في النعيم، والمظلوم يُقاسِي أنكاد الأصفاد، وغياهِب السجون، وما أكثرَ الأموالَ التي سُرِقتْ، والنُّفوسَ التي أُزهِقَتْ، والوظائفَ التي ضاعَتْ، والكفاءاتِ التي أُهْدِرَتْ، وغيرها منَ المآسِي، التي ترسم صورةً للمجتمع المسلم - إن وُجِدتْ - وهو أبعد شيء عنِ الإسلام.
عَجَبًا، كيف لا يُعَزُّ الحق بالغَلَبة، وسِيَادة المواقف، وقدِ امتلأتِ البلاد بالأجهزة القضائيَّة المُعَقَّدَة والمُخْتَصَّة، ومعها عبقريات علميَّة فَذَّة، وإمكانات لا يَعْتَوِرُها العجز ولا القِلَّة، على حين عَزَّ مَثِيلاتها في الأحقاب الماضِيات مِن عُمر الأمَّة، ومع ذلك كان الانْتِصارُ للعَدْل على الظُّلْم، وللحَقِّ على الباطِل في سابِق الأزمان، كيف لا يرتفع للعدل الصَّادق شاراتُ التأييد والغَلَبَة، وفينا هذا الكمُّ الهائلُ منَ المساجد، حارسةِ الدِّين في الضمائر والقلوب، ومعها هذه المدارس والمعاهد والجامعات؟
تلك النِّقاط المُضيئة التي تلهم وتعلِّم، للعقلاء أن يَتَصَوَّروا أنَّ القاضي، والمحامي، ووَمُمَثِّلي الاتِّهام، وكَتَبَة المَحَاكِم، وبقيَّة مُوَظِّفي السِّلك القضائي، في أيِّ مجتمع - هم صمامُ أمانٍ لِحِرَاسَة العدل، والذَّود عنه.
هناك دائمًا ميثاق شَرَفٍ وروحٍ لقانون المهنة، أيُّ مهنة، فلماذا يشتكي الناسُ من ندرة العدل، أم تراهم واهمينَ؟
ألا وإن الجوعَ قاتِل، والمرضَ ابتلاءٌ، والغربةَ كُرْبة، والدَّيْنَ همٌّ باللَّيلِ، وذُلٌّ بالنهارِ، وفقْدَ الأحبة يكسر القلوب، لكنَّ الظُّلمَ أدهى وأَمَرُّ، والناس هي التي ترخص العدل بإشاعة الظُّلم، الذي هو مِن أيديهم؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: 44].
وفي زَمَن عطالة القِيَم، ونُدرة القدوات، يسرح التَّصَوُّر، ويستريح الخاطر، لحظات سعيدة في دوحةِ أليف العدل، وشهيد المحراب، أميرِ المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمَّة منَ العدل والتُّقَى، ومعلمٌ مسفرٌ منَ الهداية الحقَّة الصافية، التي صاغَهَا القرآن العظيم.
ماذا لو رأى وسَمِع الفاروقُ مَن يشهد زورًا، بعد أن يُقسِمَ بالله العظيم؟ ومَن يبيع ضميره، فيَقْبَل الرِّشوة، قاضيًا كان، أم مُوَظَّفًا، أم شاهِد زُور؟ ومَن يكيد للشُّرَفاء بسطوة منصبِه أو ماله، فيذلّهم بقبضة القضاء، الذي أملى عليه القضية في قالبها المغلوط، فيَخْرُج الحكمُ كَطَلَقَات نارٍ، أصابت كرامة مظلوم، فَدَنَّسَت قيمته، ونزلَتْ بقدره بين الناس إلى أسفل سافِلينَ؟ ماذا سيفعل أمير العدل، وحامي حماه، حينما يرى على جلاء بغير خفاء: أنَّ الشريف والعظيم غير مُتَّهَم، وإن كانت أدلَّة الإدانة تُحاصِره، وأن الفقيرَ والضعيفَ والمدفوع بالأبواب دائمًا تُصيبُه سهام الاتِّهام في مقتلٍ، وإن لَمْ يَكُن مُخطئًا، ولا مُدانًا؟
لا بدَّ أنه سيُذَكِّرُنا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ قريشًا أَهَمَّهُم شأن المرأة المخزوميَّة التي سَرَقَتْ، فقالوا: ومَن يُكَلِّم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومَن يَجْترئ عليه إلاَّ أسامة بن زيد، حِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمَهُ أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَتَشْفع في حدٍّ مِن حُدُود الله؟!))، ثم قام فاختطب، ثم قال: ((إنما أَهلَكَ الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سَرَقَ فيهمُ الشريف تَرَكُوه، وإذا سرق فيهمُ الضعيف أقاموا عليه الحد، وَايْمُ الله، لو أن فاطمة بنت محمد سَرَقَتْ لقطعتُ يدَها))؛ البخاري 3475 في "الجامع الصحيح"، عن عائشة بسند صحيح.
وماذا لو ذكَّرَنَا؟ هل سيعيد التذكير وحده مجرى هذا النهر الجارف إلى وجهة أخرى؟ أو أننا نحتاج إلى ملمح آخر من بطولات الفاروق؟
ذلك الذي لا يقدر عليه إلا عُمَر، نعم، ذلك الذي لا يقدر عليه إلا عُمر، وقدِ اشْتَقْنا إلى هذا الملمح كثيرًا، فوق حُدُود التَّصَوُّر.
فسلامٌ عامرٌ بالحبِّ والتقدير إلى رمز العدل في زمن افتِقادِه، وإلى مَن أَرْهَب الشيطانَ بقوَّة الإيمان، فلم يَعُد له عليه أدنى سبيل.
سَلاَمٌ عَلَى الفَارُوقِ يَوْمَ أَنِ اهْتَدَى وَسَارَ عَلَى نَهْجِ النُّبُوَّةِ وَاقْتَدَى
أَذَلَّ رُؤُوسَ الطَّامِعِينَ بِعَدْلِهِ فَعَزَّ بِهِ الإِسْلاَمُ وَانْتَشَرَ الهُدَى
أَتَتْهُ كُنُوزُ الأَرْضِ مَالاً وَعِزَّةً فَكَانَ أَعَفَّ النَّاسِ عَنْهَا وَأَزْهَدَا
فَمَوْعِدُهُ الحُسْنَى إِمَامًا وَصَاحِبًا وَأَكْرِمْ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ مَوْعِدًا
الجاني يَرْفُل في النعيم، والمظلوم يُقاسِي أنكاد الأصفاد، وغياهِب السجون، وما أكثرَ الأموالَ التي سُرِقتْ، والنُّفوسَ التي أُزهِقَتْ، والوظائفَ التي ضاعَتْ، والكفاءاتِ التي أُهْدِرَتْ، وغيرها منَ المآسِي، التي ترسم صورةً للمجتمع المسلم - إن وُجِدتْ - وهو أبعد شيء عنِ الإسلام.
عَجَبًا، كيف لا يُعَزُّ الحق بالغَلَبة، وسِيَادة المواقف، وقدِ امتلأتِ البلاد بالأجهزة القضائيَّة المُعَقَّدَة والمُخْتَصَّة، ومعها عبقريات علميَّة فَذَّة، وإمكانات لا يَعْتَوِرُها العجز ولا القِلَّة، على حين عَزَّ مَثِيلاتها في الأحقاب الماضِيات مِن عُمر الأمَّة، ومع ذلك كان الانْتِصارُ للعَدْل على الظُّلْم، وللحَقِّ على الباطِل في سابِق الأزمان، كيف لا يرتفع للعدل الصَّادق شاراتُ التأييد والغَلَبَة، وفينا هذا الكمُّ الهائلُ منَ المساجد، حارسةِ الدِّين في الضمائر والقلوب، ومعها هذه المدارس والمعاهد والجامعات؟
تلك النِّقاط المُضيئة التي تلهم وتعلِّم، للعقلاء أن يَتَصَوَّروا أنَّ القاضي، والمحامي، ووَمُمَثِّلي الاتِّهام، وكَتَبَة المَحَاكِم، وبقيَّة مُوَظِّفي السِّلك القضائي، في أيِّ مجتمع - هم صمامُ أمانٍ لِحِرَاسَة العدل، والذَّود عنه.
هناك دائمًا ميثاق شَرَفٍ وروحٍ لقانون المهنة، أيُّ مهنة، فلماذا يشتكي الناسُ من ندرة العدل، أم تراهم واهمينَ؟
ألا وإن الجوعَ قاتِل، والمرضَ ابتلاءٌ، والغربةَ كُرْبة، والدَّيْنَ همٌّ باللَّيلِ، وذُلٌّ بالنهارِ، وفقْدَ الأحبة يكسر القلوب، لكنَّ الظُّلمَ أدهى وأَمَرُّ، والناس هي التي ترخص العدل بإشاعة الظُّلم، الذي هو مِن أيديهم؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: 44].
وفي زَمَن عطالة القِيَم، ونُدرة القدوات، يسرح التَّصَوُّر، ويستريح الخاطر، لحظات سعيدة في دوحةِ أليف العدل، وشهيد المحراب، أميرِ المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمَّة منَ العدل والتُّقَى، ومعلمٌ مسفرٌ منَ الهداية الحقَّة الصافية، التي صاغَهَا القرآن العظيم.
ماذا لو رأى وسَمِع الفاروقُ مَن يشهد زورًا، بعد أن يُقسِمَ بالله العظيم؟ ومَن يبيع ضميره، فيَقْبَل الرِّشوة، قاضيًا كان، أم مُوَظَّفًا، أم شاهِد زُور؟ ومَن يكيد للشُّرَفاء بسطوة منصبِه أو ماله، فيذلّهم بقبضة القضاء، الذي أملى عليه القضية في قالبها المغلوط، فيَخْرُج الحكمُ كَطَلَقَات نارٍ، أصابت كرامة مظلوم، فَدَنَّسَت قيمته، ونزلَتْ بقدره بين الناس إلى أسفل سافِلينَ؟ ماذا سيفعل أمير العدل، وحامي حماه، حينما يرى على جلاء بغير خفاء: أنَّ الشريف والعظيم غير مُتَّهَم، وإن كانت أدلَّة الإدانة تُحاصِره، وأن الفقيرَ والضعيفَ والمدفوع بالأبواب دائمًا تُصيبُه سهام الاتِّهام في مقتلٍ، وإن لَمْ يَكُن مُخطئًا، ولا مُدانًا؟
لا بدَّ أنه سيُذَكِّرُنا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ قريشًا أَهَمَّهُم شأن المرأة المخزوميَّة التي سَرَقَتْ، فقالوا: ومَن يُكَلِّم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومَن يَجْترئ عليه إلاَّ أسامة بن زيد، حِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمَهُ أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَتَشْفع في حدٍّ مِن حُدُود الله؟!))، ثم قام فاختطب، ثم قال: ((إنما أَهلَكَ الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سَرَقَ فيهمُ الشريف تَرَكُوه، وإذا سرق فيهمُ الضعيف أقاموا عليه الحد، وَايْمُ الله، لو أن فاطمة بنت محمد سَرَقَتْ لقطعتُ يدَها))؛ البخاري 3475 في "الجامع الصحيح"، عن عائشة بسند صحيح.
وماذا لو ذكَّرَنَا؟ هل سيعيد التذكير وحده مجرى هذا النهر الجارف إلى وجهة أخرى؟ أو أننا نحتاج إلى ملمح آخر من بطولات الفاروق؟
ذلك الذي لا يقدر عليه إلا عُمَر، نعم، ذلك الذي لا يقدر عليه إلا عُمر، وقدِ اشْتَقْنا إلى هذا الملمح كثيرًا، فوق حُدُود التَّصَوُّر.
فسلامٌ عامرٌ بالحبِّ والتقدير إلى رمز العدل في زمن افتِقادِه، وإلى مَن أَرْهَب الشيطانَ بقوَّة الإيمان، فلم يَعُد له عليه أدنى سبيل.
سَلاَمٌ عَلَى الفَارُوقِ يَوْمَ أَنِ اهْتَدَى وَسَارَ عَلَى نَهْجِ النُّبُوَّةِ وَاقْتَدَى
أَذَلَّ رُؤُوسَ الطَّامِعِينَ بِعَدْلِهِ فَعَزَّ بِهِ الإِسْلاَمُ وَانْتَشَرَ الهُدَى
أَتَتْهُ كُنُوزُ الأَرْضِ مَالاً وَعِزَّةً فَكَانَ أَعَفَّ النَّاسِ عَنْهَا وَأَزْهَدَا
فَمَوْعِدُهُ الحُسْنَى إِمَامًا وَصَاحِبًا وَأَكْرِمْ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ مَوْعِدًا
جمال خالد يوسف- عضو ذهبي
- عدد المساهمات : 257
تاريخ التسجيل : 17/06/2012
مواضيع مماثلة
» مناقب الفاروق عمر رضي الله عنه
» قطف الثمر من فضائل الفاروق عمر
» الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
» قطف الثمر من فضائل الفاروق عمر
» الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
منتدي تجمع قري قوزالرهيد والسديره ودالجمل والكفتة والعمارة وكريمت المغاربة :: المنتدي الثقافي والادبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس يوليو 30, 2015 9:16 am من طرف ameralhosn
» حزيفة العطايا في ذمة الله
الجمعة سبتمبر 12, 2014 4:17 pm من طرف الصديق عبدالرحمن طه
» بيت شعر اعجبني
السبت أغسطس 09, 2014 6:29 am من طرف الصديق عبدالرحمن طه
» صباح النور عليكم يا زهور **************** كلمات سيد عيد العزيز *********
السبت يوليو 26, 2014 11:01 pm من طرف sanshairo
» في رونق الصبح البديع
السبت يوليو 26, 2014 10:54 pm من طرف sanshairo
» نور الحبيب احمد الي الرفيق الاعلي
الإثنين يونيو 23, 2014 3:13 pm من طرف الصديق عبدالرحمن طه
» قسم الله حسن في ذمه الله
السبت مايو 31, 2014 7:03 am من طرف عبدالمحمود الصديق
» قريتي رسمتي الامل في دواخلي والابتسامه علي شفتي
السبت مايو 24, 2014 6:41 am من طرف عبدالمحمود الصديق
» ما سر الغياب المتواصل
السبت مايو 24, 2014 5:49 am من طرف الصديق عبدالرحمن طه